أبي نجم: الجانب السياسي كبير جدّاً في عملها وتتخوّف منه الدول الكبرى
بعيداً من نظريات المؤامرة، هل يُمكن اعتبار العطل المفاجئ الذي ضرب خدمات "فايسبوك" و"واتس آب" و"إنستغرام" أمس، والذي تسبّب بخسائر بقيمة 164 ألف دولار تقريباً، في الدقيقة الواحدة، مجرّد صدفة؟
هبوط أسهم
وهل هي صدفة أن تحصل الأزمة، بعد ساعات من هبوط أسهم "فايسبوك" بنسبة 4.89 في المئة تقريباً، عقب مقابلة كشفت خلالها عالمة بيانات سابقة في "فايسبوك"، ومديرة الإنتاج السابقة في الشركة، فرانسيس هوغن، عن أنها ("فايسبوك") كانت تضع الأرباح في مقدّمة اهتماماتها، وعن أنها لا تهتم بأنظمة الأمان على حدّ سواء في كل اللغات الي تعمل عليها، عندما يتعلّق الأمر بخطاب الكراهية والمعلومات المضلّلة على نطاق واسع، وأنها كانت تخدع المستثمرين بشأن كيفية تعاملها مع المشاكل؟
مشهد وبائي
في إطار متّصل، بدا مثيراً للإهتمام أيضاً، تأكيد سيرغي غولوفانوف، وهو كبير الخبراء الأمنيين في شركة "كاسبرسكي لاب" الروسية، أن لا معلومات حتى الساعة حول أن ما حصل بالأمس يتعلّق بهجمات إلكترونية.
وبمعزل عن أن السلطات الصينية كانت حظّرت خدمات "غوغل" و"فايسبوك" و"إنستغرام" و"تويتر" و"واتساب" وبعض شركات التكنولوجيا الغربية الأخرى، منذ وقت سابق، أكدت تقارير عدّة أن عمل شبكات التواصل الإجتماعية في الصين ("وييبو" و"ويتشات" و"كيوكيو" و"دويين")، لم تتعرّض لأي خلل البارحة، واستمرّت في أنشطتها بشكل طبيعي في جميع إصدارات الويب، وتطبيقات الهواتف النقالة.
وهو مشهد تكنولوجي أعاد التذكير بالمشهد الوبائي المرتبط بتفشّي جائحة "كوفيد - 19" العام الفائت، وبمفاعيله السياسية والإقتصادية والمالية، عندما بقيت الصين بعيدة من كوارثه حول العالم، بنسبة كبيرة جدّاً.
تحالف دولي
أمر آخر، وهو أنه بمعزل عن الملاحظات الأميركية على عمل عمالقة التكنولوجيا، ووسائل التواصل الإجتماعي، نسأل الى أي مدى يتعلّق أو ينفصل ما جرى بالأمس، عن إعلان "البيت الأبيض" قبل أيام، عن نيّته تشكيل تحالف دولي يضمّ 30 دولة، بهدف تسريع جهود مكافحة الجريمة الإلكترونية، والتصدّي للهجمات السيبرانية للحصول على فدية، التي تشكّل تهديداً مشتركاً للأمن القومي الأميركي، وللإقتصاد العالمي؟
وأشار الرئيس الأميركي جو بايدن الى أن الولايات المتحدة بصدد بناء شراكات مع أعضاء منظمة حلف "شمال الأطلسي"، و"مجموعة السبع"، لتعزيز التعاون في مكافحة الجريمة الإلكترونية، ولتحسين آليات إنفاذ القانون، والاستثمار في تكنولوجيا أكثر أمناً للجيل الخامس في قطاع الإتصالات، الى جانب تأمين سلاسل الإمدادات.
50 - 50
اعتبر المستشار في أمن المعلومات والتحوّل الرقمي، رولان أبي نجم، أن كل الإحتمالات تبقى واردة ومفتوحة، من سياسية وتكنولوجية، وبنسبة 50 - 50 في المئة، في مقاربة ما حصل من توقُّف لخدمات "فايسبوك" و"واتساب" و"إنستغرام" بالأمس، طالما ان لا بيانات رسمية نهائية حوله حتى الساعة، ولا أي معطيات تقنية تؤكد أو تنفي هذا الاحتمال، أو ذاك".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أنه "عند وقوع أي جريمة، لا بدّ من انتظار الانتهاء من أخذ البصمات، وجمع صُوَر كاميرات المراقبة، قبل الإعلان عمّا إذا كانت جريمة بالفعل أو عمليّة انتحار مثلاً. والأمر نفسه بالنّسبة الى الأحداث الإلكترونية، التي تتطلّب الإنتهاء من التحقيقات، ومن جمع المعلومات وتحليلها، قبل الإعلان عن نتائجها النهائية".
مستحيل
وأوضح أبي نجم "أننا عندما نتحدّث عن "فايسبوك" مثلاً، نجد أمامنا نحو 3 مليار مستخدم حول العالم. وبالتالي، التحقيقات الجنائية الإلكترونية في شأن ما حصل بالأمس، تحتاج الى وقت، قبل معرفة الحقيقة الكاملة".
وأضاف:"فرضيّة المشكلة التقنية بديهية وطبيعية وممكنة، وذلك انطلاقاً من أن شركة واحدة هي "فايسبوك"، تدير عدداً هائلاً من الصُوَر والبيانات والوثائق... حول العالم، وتُطلِق برامج وتحديثات بمعدّل أيام. فالإبقاء على كل تلك الخدمات بلا مشاكل، بنسبة 100 في المئة، هو من سابع المستحيلات من الناحية الواقعية".
حريات
وردّاً على سؤال حول مدى قدرة الحكومات على الإمساك بسياساتها واقتصاداتها أكثر، كلّما حرّرت نفسها من الفضاء الإلكتروني المتعلّق بهذا النّوع من الشركات، أجاب أبي نجم:"هذا صحيح. والدّليل على تأثير تلك الشركات والمنصّات في السياسة، هو أنها في عام 2016 مثلاً، تحكّمت بمسار الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وحسمت فوز الرئيس السابق دونالد ترامب على منافسته هيلاري كلينتون. وفي عام 2020، ساهمت هي نفسها بخسارته (ترامب) لصالح بايدن، بأشكال كثيرة".
وعن تأثير تلك الشركات ومنصّاتها على لعبة الحريات الشخصية، وحقوق الإنسان، والليبرالية، في العالم الغربي تحديداً، تابع أبي نجم:"كان من المُفتَرَض أن تكون تلك المنصّات للتواصُل، ولكنّها صارت تلعب دور الحكم، الذي يحدّد ما هو المحتوى الصّحيح وما هو غير الصّحيح، تمهيداً للتحكُّم بنشره أو لا".
وختم:"الجانب السياسي كبير جدّاً في عملها، وتتخوّف منه الدول الكبرى نفسها. ولذلك يُحكى بقوّة عن أنه حان الوقت لمنع شركة واحدة من أن تتحكّم بكل شيء، بموازاة ضرورة تقسيمها، من مستوى جعل "فايسبوك" منفصلة عن "واتساب"، وعن "إنستغرام، مثلاً".
لقراءة المقابلة على موقع أخبار الان مع الاعلامي أنطون الفتى اضغط هنا
Cyber Security & Digital Transformation - Consultant & Expert
CEO – Revotips Expert Tech Consultants