على الرغم من ان الحروب العسكرية والإقتصادية كانت على مدى عقود من أكثر التهديدات خطورة على حياة البشر إلا أنه اليوم ومع التقدم التكنولوجي الملحوظ الذي يشهده العالم، أصبح هناك حروب جديدة قد تكون أخطر بكثير من الناحية السياسية والامنية والاقتصادية وهي الهجمات "السيبرانية" التي أضحت تهديداً حقيقياً ومصدراً للقلق يسيطر على العالم. وما رفع من نسبة خطورة هذه الأخيرة، زيادة عمليات الاختراق والهجمات السيبرانية في السنوات الأخيرة، حيث باتت ميداناً لممارسة النفوذ العالمي والتنافس الدولي عبر تعطيل مواقع حيوية للدول، ما دفع المنتدى الاقتصادي العالمي للتصريح بأن "الهجمات السيبرانية" تشكل خامس أكبر الأخطار العالمية إلى جانب أسلحة الدمار الشامل.
ومن أبرزها نذكر تعرض أكبر خطوط نقل النفط في الولايات المتحدة إلى هجمات سيبرانية، وتوقف محطة الكهرباء الرئيسة في أوكرانيا عن العمل، وتخريب أجهزة الطرد المركزي في المفاعلات النووية الإيرانية، إضافة إلى التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية وتحوير النتائج.
وفي الإطار نفسه، لم ترحم هذه الهجمات أشهر عباقرة الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات وأهم مدراء مواقع التواصل الاجتماعي مثل مؤسس موقع "فايسبوك" مارك زوكربيرج، حيث نجح أحد "الهاكرز" في اختراق حسابه على موقع "تويتر". حتى أن الحزب الديمقراطي الحاكم في أميركا، تعرض بدوره للهجمات، بعد اختراق شبكة الكمبيوتر خاصة بالحزب والتابعة للحملة الرئاسية للمرشحة "هيلارى كلينتون، وهذا العمل إتهمت فيه روسيا. كما تعرضت حسابات مشاهير آخرين منها الحسابان الرسميان للمليارديرين بيل جيتس وإيلون ماسك وحساب شركة آبل للاختراق أيضا، إذ تمكن أحد "الهاكرز" من دخول حساب هذه الشركات على "تويتر" وطلب تبرعات بالعملة الرقمية.
ومنذ حوالي أربعة أيام، وفي رسالة مقتضبة تلقاها عدد من موظفي شركة أوبر العملاقة، أعلن متسلل، الخميس الماضي، "أنه هاكر، اخترق بيانات الشركة".
وفي التفاصيل، تعرضت أنظمة الكمبيوتر الخاصة للاختراق، ما دفع الشركة إلى إبلاغ السلطات الأميركية المعنية بالأمر.
وشركة "أوبر" هي إحدى شركات النقل الأميركية والمتعددة الجنسيات على الإنترنت، تقوم بتفعيل تطبيق يعمل على الهاتف المحمول، والذي يتيح لحاملي الهواتف الذكية أن يقوموا بطلب رحلةٍ ما حسب توجهاتهم وبعد الخرق الذي واجهته هذه الشركة قامت بنشر طلبات توظيف لمتخصصين في الامن السيبراني وهي حادث تستوجب التوقف عندها والتي تطرح بدورها إشكالية وجوب إنشاء كل شركة جهاز خاص بحماية أمنها المعلوماتي.
وضمن هذا الإطار، تواصل موقع "الديار" مع الخبير في الأمن السيبراني رولاند أبي نجم، للإستفسار أكثر عن ما تعرضت له الشركة ولجوئها إلى الإستثمار في مجال الأمن السيبرالي الذي يعتبر الطريق الآمن لمواجهة هذه الهجمات، حيث قال إنه "بعد الإختراق الذي تعرضت له شركة "أوبر"، قامت بالإعلان فوراً عن فتح عدة وظائف بالأمن السيبراني".
مؤكدأ "أن هذا الموضوع أصبح من الأوليات لكل الشركات العالمية خاصة أننا شهدنا عمليات إختراق لأهم الدول في العالم منها الحكومة الأميركية، البنتاغون، البيت الأبيض، إضافة إلى الوزارات الأميركية، بالإضافة إلى أهم الشركات العالمية مثل "تويتر" و"فايسبوك" "إنستاغرام" و"تيك توك"".
وأضاف أن"الهجمات السيبرانية اليوم أصبحت موضوعاً حساساً وهناك واجب منطقي للمواجهة عبر الحماية والأمن بعد تسريب وسرقة المعلومات والتي تؤدي إلى خسائر مادية كبيرة على الشركات".
وأشار في حديثه إلى أن "شركة "أوبر" وبعد تعرضها للإختراق، حاولت إنكار الموضوع في البداية ومن ثم إتهمت جهة وإتجهت إلى الإستثمار أكثر بالعامل البشري أي عملت على زيادة خبراء الأمن السيبراني لديها لكي تستطيع تطوير أنظمة الأمن والحماية لديها".
وعن آلية الحماية ومدى كماليتها قال أبي نجم إن "الحماية في الأمن السيبراني تفتقر الحماية الكاملة 100%، حيث أنه لا يمكن لأي شركة أو منظمة من حماية معلوماتها بالكامل، والمتوفر هو التحسين وتطوير أنظمة الحماية لدى الشركات من أجل التصدي للخروقات".
وكشف أن "أهم عامل في الأمن السيبراني هو العامل البشري، أي العمل على تطوير الموظفين إلى جانب تطوير الأنظمة، لأنه في نهاية المطاف يعمل المخترقين على إستغلال العامل البشري وأخطائهم وإيجاد الثغرات لإتمام عملية الإختراق".
وأردف قائلاً "إن جائحة كورونا والتحول الرقمي السريع والتي خولت جميع الشركات في تقديم حملات إلكترونية وجبرت الحكومات اللجوء إلى العالم الإلكتروني المتطور، هذا ما سرّع من عملية التحول الرقمي وهذا ما فتح مجال أكثر للمخترقين في الإختراق أكثر، وخاصة أننا متصلين بعالم الإنترنت عبر الهواتف والحواسيب والتلفزيون وكل هذه الأجهزة توسع مجال الإختراق، وفي هذا الإطار فإن الـ"هاكيرز" يعملون على تطوير قدراتهم وفرص أكبر للإختراق، وفي الوقت نفسه يساعدهم الإختراق في جني الكثير من الأموال عبر سرقة المعلومات، ولكن الشركات تعتبر أن الإستثمار ودفع الأموال للأمن السيبرالي هي ليست إلا هدر في ظل الوضع الإقتصادي الصعب وهذا ما يعطي عامل التفوق للمخترقين على الشركات".
وإقترح أبي نجم للمشتركين بإستخدام توثيق ذو عاملين (two factor authentication) أي وصول رسالة نصية على هاتفهم تُعلمهم في حال تعرضهم للإختراق ، وليس فقط الإتكال على الإسم والرقم السري في حسابهم لأنهم أكثر عرضة للسرقة في أي لحظة".
وفي الختام، تجدر الإشارة على أنه ومع التقدم التكنولوجي السريع الذي يقابله التطور في أساليب الاختراقات السيبرانية قامت بعض الدول وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية في عام 1987 في إقرار قانون يعاقب على سوء إستخدام التكنولوجيا والحواسيب.
وينقسم هؤلاء إلى أنواع أبرزها: لهاكرز ذو القبعة البيضاء، 2. الهاكرز ذو القبعة السوداء، الهاكرز ذو القبعة الرمادية، الهاكرز ذو القبعة الحمراء، أطفال الهاكرز، و مجموعات الانونيموس وهم الأخطر. فهل هذه القوانين كافية و في ردع هؤلاء أم أننا نتجه إلى عالم إلكتروني مفتوح تصبح فيه الجريمة دون حسيب او رقيب.
لقراءة المقابلة كاملة على موقع الديار إضغط هنا
Cyber Security & Digital Transformation - Consultant & Expert
CEO – Revotips Expert Tech Consultants