عندما أصبح "العمل عن بعد" في لبنان "موضة" فرضها الإنتشار المرعب لفيروس كورونا، ظنّ كثيرون أن هذا الأسلوب المهني موجة عابرة. إلا أننا في لبنان، حيث أسعار المحروقات باتت تكوي قلوب المواطنين الذين أصبحوا كالرّحل في وطنهم، يجمعون أنفسهم ضمن مجموعات للذهاب إلى العمل بدلاً من ركوب سياراتهم بشكل فرديّ، بينما هوّن العمل من المنزل هذه الكارثة على الكثيرين فاتحاً أمامهم فرصاً ومجالات لا حدود لها تتيح لهم كسب العملة الخضراء.
التطوير ضرورة قصوى
من هنا، إعتبر المستشار في أمن وتكنولوجيا المعلومات والتحوّل الرقمي رولان أبي نجم أن فيروس كورونا خلق مفهوم "الإقتصاد المبنيّ على عدم اللمس"، الذي بات من خلاله يتعلّم تلاميذ المدارس والجامعات عن بعد، وتعقد الإجتماعات والمؤتمرات عن بعد، والأعمال بطبيعة الحال أيضاً أصبحت متاحة في العديد من المجالات عن بعد، الأمر الذي خلق نوعاً من المرونة لأن الأمور باتت أسهل لوجيستياً.وأشار أبي نجم في حديث لـ"لبنان 24" إلى أن الشركات الكبرى التي بات موظفوها يعملون عن بعد، لاحظت أن أكلافها انخفضت بنسبة كبيرة. فالإيجارات والمكاتب والكهرباء والنقل إنعدمت تقريباً، والموظّفون يقدّمون ما عليهم من أعمال بالإنتاجية نفسها، لذا فهذا التوجّه يعتبر مناسباً لجميع الأطراف.وعلى المقلب الآخر، علّق أبي نجم على الخطوة التي قام بها الميلياردير الأميركي إيلون ماسك، بعدما استحوذ على منصّة "تويتر"، فأصدر قراراً مؤخّراً قضى بإجبار جميع الموظفّين على العودة إلى المكاتب والعمل فيها بدوام لا يقلّ عن ثماني ساعات، فعزا هذا الأمر إلى أنه عندما ترتفع نسب البطالة ينخفض التضخم.
وشرح: "الغلاء في البلدان يتعلّق بشقّ كبير منه بالشركات التي تضمّ عدداً كبيراً من الموظفين وتدفع لهم مرّتبات عالية. وهنا قال ايلون ماسك إنه يخسر يومياً 4 ملايين دولار، فعمد إلى تسريح عدد هائل من الموظفين لخفض الأكلاف، موضحاً أن هذا الأمر سيدفع بالموظفين الآخرين للعمل بشكل أفضل وعدم المطالبة بأّي أمر.رأى أبي نجم أنه بالرغم من أن العوامل التي سرّعت هذا التوجه في لبنان مثل غلاء أسعار المحروقات في المرتبة الأولى، إلا أن هناك عراقيل عدّة تقف في وجه سير عملية العمل عن بعد بشكل سلس مثل مشاكل الكهرباء والإنترنت، إلا أنهما مشكلتان قابلتان للمعالجة من قبل الموظفين في بعض الأحيان، كما أن عدداً من الشركات توجّه إلى دمج العمل عن بعد والحضوري في حالة واحدة، المعروفة بـHybrid.
وأكّد أن العمل عن بعد فتح فرصاً كثيرة أمام اللبنانيين خاصة لجهة العمل لشركات خارج لبنان، الأمر الذي يوفّر لهم مدخولاً بالفريش دولار وهو ما يبحثون عنه في ظلّ الأزمة الإقتصادية الصعبة، وما يمنع الإحتكار عن الشباب اللبناني ويفتح الآفاق أمامه كما جعل منه سيّد نفسه.
ونفى أبي نجم إمكانية تحديد رقم معيّن يحصر فيه العاملون عن بعد لأن هذه العملية تتمّ من دون تنظيم ولا تسجيل، إذ لا يدفع العاملون ضرائب محددة خاصة وأن عدداً كبيراً منهم بعمل لشركات خارج لبنان.
إلا أن أبي نجم شدّد على ضرورة تطوير توجّه العمل عن بعد من خلال توفير خدمتي الكهرباء والانترنت بشكل ثابت، وهو الحدّ الأدنى المطلوب للعمل المنتج في هذه الحال، معتبراً أن قوننة هذا التوّجه مهمّة جداً، ولكنه استبعد حصولها في لبنان.
وفي هذا الإطار، أكّد أبي نجم أن القوانين التي من شأنها حماية الموظف وبياناته خلال عمله عن بعد غائبة تماماً، خاصة وأن الموافقة على أي قانون تحتاج موافقة الكتل النيابية المختلفة.وانتقد أبي نجم أن يتمّ إهمال كل ما يتعلّق بالتحوّل الرقمي في لبنان، مشدداً على أن هذا الموضوع ليس أولوية لدى المسؤولين بالرغم من أهميته القصوى.
لقراءة المقابلة على موقع لبنان 24 إضغط هنا
Cyber Security & Digital Transformation - Consultant & Expert
CEO – Revotips Expert Tech Consultants