تطبيق زوكربيرغ و"إنستغرام" حاولا تقليد أسلوب عرض المحتوى في "تيك توك" من خلال "reels" لكنهما لم ينجحا في منافسة التطبيق الصيني
لكل من المنصات فئات معينة من المستخدمين، وإن كان بعضها يحقق انتشاراً أوسع بين فئات متعددة. فخلال السنوات الماضية استطاعت منصات وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها أن تغزو حياتنا وتسيطر عليها، لكن منها ما استطاع أن يحقق انتشاراً واسعاً مع ارتفاع أعداد متتبعيها من الفئات العمرية والمجتمعية المختلفة، فيما هزمت مع الوقت بعض المنصات التي فشلت في استقطاب فئات معينة لسبب أو لآخر. من جهة أخرى رأينا أخيراً تقلبات عديدة في العالم الرقمي السريع التطور، وفي منصات التواصل الاجتماعي الأكثر انتشاراً تحديداً، فبدا وكأننا قد نشهد تحولات كبرى في هذا المجال مع الاتجاه نحو عالم "الميتافيرس" وفق مؤشرات معينة. فهل يمكن أن نشهد تحولاً جذرياً في تطبيق "فيسبوك" مثلاً الذي دائماً ما يوصف بالتقليدي؟
"فيسبوك" في إطار تقليدي
كلما تفوقت التطبيقات والمنصات في تحسين محتواها وإضافة مزيد من الميزات زاد عدد مستخدميها. وتعمل منصات التواصل الاجتماعي على دراسة وتحليل تفاعل المستخدمين لتحديد نوعية المحتوى الذي تقدمه لهم والميزات التي يمكن أن تضيفها لتلبية تطلعاتهم. أما الإطار الضيق الذي وضع فيه تطبيق "فيسبوك" بالنسبة إلى البعض فيعود إلى طريقة عرض المحتوى، والذي يغلب عليه الأسلوب الإخباري فلا يعتبر مفضلاً لفئة الشباب ولا يواكب تطلعاتهم، ولم نشهد تطوراً بارزاً فيه مع مرور السنوات.
ومن منظار من هم أكبر سناً يبدو محتوى "تيك توك" "سخيفاً" ولا قيمة حقيقية له، فيما يعتبر جيل الشباب "فيسبوك" تقليدياً وللكبار في السن. في المقابل استطاع "تيك توك" تحقيق الانتشار الأكبر ضمن فئة الشباب بفضل المحتوى السريع والفيديوهات والميزات التي تجذب هذه الفئة العمرية بشكل خاص في أيامنا هذه. على رغم محاولات منصات وتطبيقات أخرى تقليد هذا الأسلوب في عرض المحتوى السريع والمبسط، فلم تنجح في منافسة التطبيق الصيني.
بالنسبة إلى الخبير في التسويق الرقمي زياد عون، لا يمكن حصر "فيسبوك" في هذا الإطار، والجزم بأن فئة الشباب لا تستخدمه. في الوقت نفسه لا ينكر أن "فيسبوك" بقي أقرب إلى الجريدة من حيث طريقة عرض المحتوى، وهو أسلوب لا يواكب تطورات العصر، هذا ما جعله يبدو تقليدياً، كما أن الأهل يستخدمون غالباً "فيسبوك" كتطبيق مفضل للتواصل، وهذا سبب إضافي لابتعاد الشباب عنه. وبالنسبة إلى معظم الناس ما ينشر على "فيسبوك" لا ينشر على تطبيق آخر، على "إنستغرام" مثلاً.
وفي مجتمعاتنا بشكل خاص يبدو أن "فيسبوك" تحول إلى تطبيق للإعلان عن الوفيات، مما جعله أبعد ما يكون عما يمكن أن يبحث عنه الشباب. وهذا ما لا نراه على باقي المنصات نظراً إلى أسلوبها المختلف في عرض المحتوى.
ضاف إلى ذلك أن ما أسهم في الحد من انتشار "فيسبوك" هو خفض عدد المستخدمين بعد محاولات لتحويله إلى تطبيق للأعمال، وذلك بإضافة ميزة "boost" لبلوغ عدد أكبر من الناس. "قام مارك زوكربيرغ بهذه المحاولة ولم ينجح في بلوغ الهدف، لكن منصات التواصل الاجتماعي تسعى دوماً إلى تحقيق مزيد من الأرباح في كل ما تقدمه. وهذا كان الهدف أيضاً من إضافة خاصية (reels) إلى (فيسبوك) و(إنستغرام) لتكون أقرب إلى الفيديوهات التي تلقى رواجاً على (تيك توك). فالفيديوهات المطولة (IGTV) لم تحقق النجاح المتوقع بعد إطلاقها".
وبقي تطبيق "تيك توك" يحقق مزيداً من الانتشار والشهرة على رغم الانتقادات الموجهة إلى مستخدميه، الذين يضطرون إلى المبالغة في المحتوى الذي يقدمونه ليلقوا نجاحاً ويحظوا بمزيد من الانتشار.
أما الشارة الزرقاء أو شارة التوثيق فهي ليست مستجدة على المنصات. وكانت متاحة لفئة من المشاهير، ومن يملكون حسابات موافقة لشروط معينة، وهناك اتجاه جديد لتصبح متاحة لمن يسدد بدل اشتراك، كما في "تويتر" إذ يسدد المشترك مبلغ 12 دولاراً أميركياً لقاء الحصول عليها. من المتوقع أن يطبق ذلك على "فيسبوك" و"إنستغرام" أيضاً ويسدد عندها بدل الاشتراك لشركة "ميتا" مباشرة، والهدف طبعاً تحقيق مزيد من الأرباح من بدل الاشتراك.
"تويتر" لم يتأثر في لبنان
شهدنا في تطبيق "تويتر" تغييرات كثيرة في الفترة الأخيرة، وقد اتخذ إيلون ماسك قرارات عدة كان من شأنها التغيير في طبيعة التطبيق، لكن يبدو أن لبنان كان بعيداً من هذه السجالات بحسب عون. فلم يسجل تراجع واضح في أعداد مستخدمي التطبيق لاعتبار أن أخباره لا تشكل أولوية لهم، هذا في مقابل تراجع كبير على صعيد العالم، وإن كان عدد المستخدمين لا يزال مرتفعاً. إنما في الوقت نفسه في "تويتر" خصوصية معينة جعلت استخدامه محدوداً بشكل أو بآخر بالمقارنة مع منصات ترفيهية أخرى. فعلى من يستخدمه أن يكون ناشطاً، خصوصاً على الصعيد السياسي وإلى حد ما على الصعيد الفني على المستوى العالمي، فهذا يسهم في تحقيق مزيد من الانتشار.
محاولات لم تنجح
من جهته، أوضح الخبير في التحول الرقمي رولان أبي نجم أن "فيسبوك" يعتبر تقليدياً لأنه أولى منصات التواصل الاجتماعي والأقدم بينها، كما أن محتواه الإخباري والمواضيع والروابط فيه تختلف عن المنصات الأخرى. حتى إن الفيديوهات تقليدية بالمقارنة مع تطبيقات مثل "سناب شات" و"تيك توك"، فطريقة العرض على "فيسبوك" تبدو معقدة ولا تواكب تطلعات الشباب. "يحاول كل تطبيق تقليد ذلك الذي يحقق انتشاراً أوسع عبر إضافة ميزات معينة، لكن هذا لا يعني أن ينجح بالمستوى ذاته. على سبيل المثال عندما حاول (تويتر) و(لينكد إن) إضافة خاصية (stories) لم يلقيا النجاح ذاته لاعتبارهما من المنصات التي تعنى بشكل أساسي بالأعمال، مما دفعهما إلى إلغائها. فلكل تطبيق فئات معينة من المستخدمين ومن المفترض أن تلبي تطلعات هذه الفئات".
شعار "ميتا"… نحو عالم الميتافيرس؟
اعتمد شعار "ميتا" من عام 2021 من وحي عالم "ميتافيرس" لمواكبة ما يحصل من تطور في هذا العالم، فكانت انطلاقة في هذا المجال ليبدأ بعدها مشروع الانتقال شيئاً فشيئاً نحو عالم "ميتافيرس". "ميتا" هو اسم تجاري هدفه جذب المستثمرين وتحقيق مزيد من الأرباح. في الوقت نفسه كلف الاستثمار في عالم "ميتافيرس" زوكربيرغ خسائر فادحة، خصوصاً مع تراجع إعلانات "فيسبوك" وفي ظل الأزمة الاقتصادية في العالم. هو يقوم بخطوات عديدة لتحقيق مزيد من الأرباح ومنها الاشتراك للحصول على الشارة الزرقاء لتأمين مداخيل ثابتة وأيضاً التوجه نحو عالم "ميتافيرس" الذي يراهن عليه، بحسب أبي نجم. "هي مرحلة تجريبية ورأيناه يظهر وهو يسلم على نفسه في العالم الافتراضي في إطار التسويق أيضاً. هذه المؤشرات تدل على أنه يتوجه بخطى ثابتة وأكيدة نحو عالم (ميتافيرس) الذي بدأ يستقطب كبرى العلامات ودور الأزياء والفنانين لحجز مساحة فيه". ومن المتوقع أن يتأقلم العالم الواقعي مع هذا التغيير شيئاً فشيئاً، تماماً كما حصل مع العملة الرقمية التي حققت انتشاراً واسعاً وحصلت استثمارات كبرى فيها على رغم الجدل الحاصل حولها والانتقادات.
يمكن القول إن المستقبل هو لعالم "ميتافيرس" والعملة الرقمية أيضاً. وإذا بدا صعباً لمن هم أكبر سناً التأقلم مع هذا التغيير، فمن المتوقع أن يكون التأقلم مع العالم الافتراضي أكثر سهولة للمراهقين ومن هم أصغر سناً.
لقراءة المقابلة على موقع اينديبندنت عربية مع الإعلامية كارين اليان ضاهر إضغط هنا
Cyber Security & Digital Transformation - Consultant & Expert
CEO – Revotips Expert Tech Consultants