قبل يومين من تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني، أطلق دونالد ترامب وزوجته ميلانيا عملتين مشفرتين، في وقت شهدت فيه العملات المشفرة صعودًا غير مسبوق.
الارتفاع القياسي كان سببه الرئيسي ترامب نفسه، الذي وعد قبل انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني بتحويل الولايات المتحدة إلى مركز عالمي للعملات المشفرة، وإقرار التشريعات المنظمة لذلك.
كان ترامب مناهضًا للعملات المشفرة خلال فترته الرئاسية الأولى، ووصفها بأنها "نصب واحتيال"، لكن موقفه تغير بالكامل لاحقًا.
وفي 18 يناير/كانون الثاني، أطلق دونالد ترامب عملته المشفرة "TRUMP$"، والتي قفز سعرها من 8.6 دولار إلى 75 دولارًا خلال يوم واحد، لتصل قيمتها السوقية إلى نحو 21 مليار دولار.
وخلال أسبوع واحد، هبط سعرها إلى 30 دولارًا، ثم وصل حاليًا إلى 15 دولارًا فقط، مع تراجع قيمتها السوقية إلى 3 مليارات دولار.
أما عملة زوجته، ميلانيا، "MELANIA$" فحققت خسائر كبيرة لتنهار قيمتها من 13.7 دولار في ذروتها عقب تنصيب ترامب إلى 1.22 دولار في التداولات الحالية.
تندرج عملة ترامب وعملة زوجته ميلانيا ضمن فئة عملات الميم أو "Meme Coin"، وهي عملات تُنشأ عادةً كنوع من المزاح أو الترفيه، وغالبًا ما تستوحى من الميمات المنتشرة على الإنترنت.
وعلى عكس العملات الرقمية الكبرى مثل البيتكوين أو الإيثريوم، لا تتمتع عملات الميم دائمًا باستخدامات أو أهداف محددة بخلاف قيمتها الترفيهية.
ويصف الخبير في الأمن السيبراني والتحول الرقمي، رولان أبي نجم، عملات الميم بأنها "لا تحمل أي قيمة فعلية"، مضيفًا أن كبار اللاعبين في سوق العملات المشفرة يتلاعبون بها لرفع سعرها أو خفضه عبر معاملات وهمية.
وأضاف أبي نجم، في تصريح لفوربس الشرق الأوسط، أن ترامب استفاد من انتخابه رئيسًا، وتصريحاته الداعمة للقطاع عند إطلاق عملته وعملة زوجته، ما مكّنه من تحقيق مكاسب تصل إلى ملايين الدولارات.
من جهة أخرى، هاجم الرئيس التنفيذي لشركة برافيكا "Pravica" المتخصصة في تقنية البلوك تشين، محمد عبده، عملات الميم، واصفًا إياها بأنها "تسيء إلى قطاع العملات المشفرة".
وقال عبده إن عملات الميم لا تحمل أي قيمة حقيقية، وتتسم بتقلبات حادة من دقيقة إلى أخرى، إذ تعتمد على التسويق والترويج، ما يؤدي إلى خسائر كبيرة للمتداولين بدلًا من الاستفادة من التكنولوجيا الحقيقية للعملات المشفرة.
وأشار عبده، في تصريح لفوربس الشرق الأوسط، إلى أن رئيس الأرجنتين خافيير ميلي، الذي يتبع نهج ترامب، روّج لعملة ميم في بلاده باسم "LIBRA$"، ما تسبب في خسائر بمليارات الدولارات لمشتريها بعد انهيار قيمتها خلال ساعات.
ويطالب معارضو الرئيس الأرجنتيني، الذي طالما أبدى إعجابه بترامب، بالتحقيق في احتمال استخدامه لأسلوب "سحب البساط"، حيث يجتذب المروجون المشترين للعملة، ثم يتوقف التداول عليها ليهربوا بالأموال التي تم جمعها من المبيعات.
كان ترامب، ولتجنب تضارب المصالح، قد أعلن أن أبنائه سيتولون إدارة أصوله اعتبارًا من 20 يناير/كانون الثاني، وهو موعد توليه الرئاسة.
إلا أن دعمه المفاجئ لقطاع العملات المشفرة تزامن مع إطلاقه منصة تداول باسم "وورلد ليبرتي فاينانشال" (World Liberty Financial) قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية الأميركية.
ويمتلك ترامب والشركات التابعة له حصة 60% في الشركة القابضة، ويحق لهم الحصول على 75% من الإيرادات و22.5 مليار توكن، وفقًا لموقع الشركة الإلكتروني.
ووفقًا لتقديرات رويترز، حققت المنصة مبيعات بقيمة 500 مليون دولار.
إضافة إلى ذلك، بلغت رسوم التداول التي حققتها الجهات التي تقف وراء عملة ترامب الميمية ما يقارب 100 مليون دولار في أقل من أسبوعين من إطلاقها، وفقًا لتقديرات ثلاث شركات تحليل بلوك تشين، في حين خسر العديد من المتداولين عشرات الآلاف من الدولارات.
ووفقًا لأبي نجم، فإن إطلاق ترامب لعملته يمثل تضاربًا في المصالح، إذ كان الرئيس الأميركي سابقًا من أشد المنتقدين لها، معتبرًا أنها غير خاضعة للرقابة وتستخدم لأغراض غير مشروعة.
وأضاف أبي نجم أن انتشار العملات المشفرة دون رقابة قد يُضعف هيمنة الدولار، الذي يمثل ركيزة الاقتصاد الأميركي.
واختتم بالقول: "ترامب يغلّب مصلحته الشخصية لتحقيق مليارات الدولارات، كما أن ابنه يدير منصات تداول تحقق المليارات على حساب المتداولين".
يطرح الصعود والهبوط السريع لعملة ترامب المشفرة تساؤلات بشأن مستقبل عملات الميم، في ظل ارتفاع الإقبال عليها وفقا لموقع coinmarketcap، إذ وصلت ذروة قيمتها السوقية في ديسمبر/كانون الأول الماضي عند 137 مليار دولار.
لكن الهبوط السريع للقيمة السوقية، لتفقد حوالي نصف قيمتها السوقية اليوم عند 75 مليار دولار فقط، يؤكد صعوبة الاعتماد عليها وعرضتها للتقلبات السعرية الحادة.
وقد تتعرض عملة ترامب للمصير الذي تعرضته له عملات الميم الأخرى، التي وصفها تقرير لباينانس ريسيرش "Binance Research" في نوفمبر/تشرين الثاني، بأنها قصيرة الأجل.
ووفقا للتقرير الذي يحمل عنوان "فهم صعود عملات الميم"، والذي قاده الباحث الاقتصادي جوش وونغ، فأن ما يقرب من 97% من عملات الميم شهدت انخفاضات كبيرة في حجم التداول.
كما أن معظم عملات الميم التي تم إنشاؤها خلال ذروتها العامين الماضيين قد "ماتت" بالفعل، مع انخفاض أحجام التداول إلى ما يقرب من الصفر.
ولكن يتوقع محللون، وفقا لموقع "Coincodex"، أن ترتفع قيمة عملة ترامب مع استمراره في المنصب، وخاصة مع توقعات إقراره تشريعات داعمة للقطاع.
ويتوقع الموقع أن ترتفع قيمة TRUMP$ بأكثر من 200% بحلول مايو/أيار المقبل، لتصل 58.26 دولار.
لكن المتوقع على المدى المتوسط والبعيد، وفقا للمؤشرات الفنية للموقع، فإن التوقعات لعملة ترامب تشاؤمية وفقا لأراء 3 من بين 5 محللين في حين يظهر مؤشر الخوف والجشع 49 نقطة (محايد).
لقراءة النقابلة على موقع فوربس ميدل إيست إضغط هنا
Cyber Security & Digital Transformation - Consultant & Expert
CEO – Revotips Expert Tech Consultants